{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)}جعل المسّ عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه، كقوله تعالى: {مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] {أَوْ لامستم النساء} [النساء: 43] والزنا ليس كذلك، إنما يقال فيه: فجربها وخبث بها وما أشبه ذلك، وليس بقمن أن تراعى فيه الكنايات والآداب. والبغيّ: الفاجرة التي تبغي الرجال، وهي فعول عند المبرد (بغوي) فأدغمت الواو في الياء. وقال ابن جني في كتاب التمام: هي فعيل، ولو كانت فعولاً لقيل: (بغوّ) كما قيل: فلان نهوّ عن المنكر {وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً} تعليل معلله محذوف أي: ولنجعله آية للناس فعلنا ذلك. أو هو معطوف على تعليل مضمر، أي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية. ونحوه: {وَخَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الجاثية: 22] وقوله: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الارض وَلِنُعَلّمَهُ} [يوسف: 21]. {مَّقْضِيّاً} مقدراً مسطوراً في اللوح لابد لك من جريه عليه. أو كان أمراً حقيقاً بأن يكون ويقضي لكونه آية ورحمة. والمراد بالآية: العبرة والبرهان على قدرة الله تعالى. وبالرحمة: الشرائع والألطاف، وما كان سبباً في قوّة الاعتقاد والتوصل إلى الطاعة والعمل الصالح، فهو جدير بالتكوين.